الاعتكاف فى رمضان من العبادات التي تجمع كثيرا من الطاعات منها تلاوة القرآن و الصلاة و الذكر و الدعاء و غيرها من الأعمال الصالحة و قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما فالمعتكف يحبس نفسه على طاعة الله و ذكره ، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عن الله تعالى ، و عكف بقلبه و قالبه على ربه و ما يقربه منه ، فما بقي له هم سوى الله و ما يرضيه عنه .

- تعريف الاعتكاف :
لغة : لزوم الشيء و حبس النفس عليه .
شرعا : لزوم المسجد و الإقامة فيه من شخص مخصوص بنية التقرب إلى الله تعالى .
- الحكمة من الاعتكاف :
قال ابن القيم ( لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى ، متوقفا على جمعيته على الله ، ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى ؛ فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى ، وكان فضول الطعام والشراب ، وفضول مخالطة الأنام ، وفضول الكلام ، وفضول المنام ؛ مما يزيده شعثا ويشتته في كل واد ، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى أو يضعفه ، اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب و يستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة عن سيره إلى الله ، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصودة وروحه عكوف القلب على الله تعالى ، والخلوة به ، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق ، والاشتغال به وحده ، بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطرا ته فيستولي عليه بدلها … ) .
- حكم الاعتكاف :
الاعتكاف سنة و هو في مؤكد فى رمضان و خاصة في العشر الأخيرة منه
- الدليل على الأعتكاف
ـ قوله تعالى : ( وطهر بيتي للطائفين والعاكفين )
ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما ) [رواه البخاري] .
ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي اعتكف فيه … ) [متفق عليه] .
ـ وعنها رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده ) [متفق عليه] .
ـ أما وجوبه بالنذر فلقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) متفق عليه
ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام . قال : ( أوف بنذرك ) .
- شروط الاعتكاف :
و شروط الإعتكاف هى الإسلام و العقل و التميز و النية و المسجد و الطهارة من الجنابة و الحيض و النفاس .
- ما يستحب للمعتكف :
ـ الإكثار من الطاعات كالصلاة و تلاوة القرآن .
ـ اجتناب الجدال و المراء و السباب و نحو ذلك .
ـ أن يلزم مكانا من المسجد لما ثبت في صحيح مسلم عن نافع قال : ( وقد أراني عبد الله ـ يعني ابن عمر ـ المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد ) .
- ما يباح للمعتكف :
ـ الخروج لحاجه التي لابد منها ك لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا و لا يشهد جنازة و لا يمس امرأة و لا يباشرها و لا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه )
ـ وله أن يأكل ويشرب في المسجد وينام فيه مع المحافظة على نظافته وصيانته .
ـ الكلام المباح لحاجته أو محادثة غيره .
ـ قص شعره وتقليم أظافره وتنظيف بدنه ولبس احسن الثياب والتطيب بالطيب ، فعن عائشة رضي عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون معتكفا في المسجد فيناولني رأسه من خلل الحجرة فأغسل رأسه )
ـ خروجه من معتكفه لتوديع أهله لحديث صفية أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك .
- ما يكره للمعتكف :
البيع و الشراء و الكلام بما فيه إثم و الصمت عن الكلام مطلقا إن اعتقده عباده .
- مبطلات الاعتكاف :
ـ الخروج من المسجد لغير حاجة عمدا ولو قل و الجماع و ذهاب العقل بجنون أو سكر و الردة أعاذنا الله منها و الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة لفوات شرط الطهارة .
- وقت دخول المعتكف المسجد والخروج منه :
متى دخل المعتكف المسجد و نوى التقرب إلى الله بالمكث فيه صار معتكفا حتى يخرج ، فإن نوى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان فإنه يدخل معتكفه قبل غروب الشمس ويخرج بعد غروب الشمس آخر يوم من الشهر .
- احكام تخص الإعتكاف
ـ من شرع في الاعتكاف متطوعا ثم قطعه استحب له قضاؤه ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم حيث قضاه في شوال . أما من نذر أن يعتكف ثم شرع فيه وأفسده وجب عليه قضاؤه .
ـ للمرأة الاعتكاف في المسجد إن أمنت الفتنة و بشرط أذن زوجها فإن اعتكفت بغير إذنه فله إخراجها
الأحكام المتعلقة بالاعتكاف بالنسبة للمرأة كالرجل إلا إذا حاضت بطل اعتكافها فإن طهرت عادت فأكملته .
ويسن استتار المعتكفة بخباء في مكان لا يصلي فيه الرجال .
ـ من نذر الاعتكاف في المسجد الحرام لم يجز له الاعتكاف في غيره . وإن نذره في المسجد النبوي وجب عليه الاعتكاف فيه أو في المسجد الحرام . وإن نذره في المسجد الأقصى وجب عليه الاعتكاف في أحد هذه المساجد الثلاثة .